بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..
سيد الأولين والآخرين ..
وعلى آله وصحبه أجمعين .. إلـى يوم الدين ...
أعضاء و زوار منتدى- شؤون بيئية -مرحباً بكم
||~ تراجع الاهتمام بعلم الجغرافية وزيادة الاهتمام بعلم البيئة ~||
إن الكثير من الموضوعات التي يدرسها علم الجغرافية ويهتم بها، هي التي يهتم بها علم البيئة، والكثير من المشكلات البيئية التي يسعى علم البيئة لإيجاد الحلول لها هي مشكلات جغرافية كالتغيرات المناخية، والتصحر، والتلوث، والانفجار السكاني وغيره. و مجالات الدراسة المشتركة التي يلتقي فيها علما الجغرافية والبيئة كثيرة وأهمها:
1 - دراسة الأغلفة الجغرافية، الجوي والمائي والصخري والحيوي.
2 - دراسة الأنظمة البيئية، والبيئات الجغرافية بمستوياتها ووحداتها وعناصرها المختلفة.
3 - دراسة مصادر التلوث البيئي، والعواقب الناتجة عنه على المستوى المحلي والإقليمي والكوني، وقياس التغيرات الناجمة عن أي مظهر من مظاهر التلوث في المكان والزمان.
4 - دراسة التغيرات البيئية الطبيعية أو البشرية، السلبية أو الإيجابية وتحديدها، ودراسة نماذج محددة من التغير البيئي.
رغم كل هذه المجالات المشتركة وغيرها الكثير مما لم نذكره، ورغم التشابه بين علمي الجغرافية والبيئة، ورغم أنهما يتنازعان الموضوع نفسه، مع ذلك فقد حظي علم البيئة باهتمام متزايد في القرن العشرين من قبل العلماء والسياسيين، والمنظمات الحكومية والأهلية، والسكان العاديين، بينما لم تحظ
الجغرافية بمثل هذا الاهتمام، وهذا عائد لأسباب كثيرة:
- أسباب تراجع الاهتمام بالجغرافية وزيادة الاهتمام بالبيئة:
1- صعوبة مناهج الجغرافية ووسائلها المتخصصة وتعقيدها، حيث إن معظم الناس يحبذون المادة الجغرافية والمعلومات الجغرافية، أكثر مما يحبذون مناهج البحث الجغرافية ووسائلها كما يقول (لوكرمان) لأن الشعور بالمكان هو جزء أساسي من الحقيقة، وليس التنظير المعقد( ).
2- تعقيد مناهج الجغرافية مما يجعلها غير محببة لطلاب وتلاميذ المراحل الدراسية الأولى، وهؤلاء هم مسؤلون ومديرون وأصحاب قرار في المستقبل، مما يجعلهم لا يتعاطفون مع الجغرافية، ولا يقدمون الدعم لها أو للقائمين عليها.
3- ضعف نسبي في قدرة الجغرافيين على مواكبة المستجدات العلمية في المجالين الطبيعي والبشري على السواء (حداد 2004 م).
4- عدم تسييس علم الجغرافية مقابل تسييس علم البيئة، فالجغرافية استبعدت كل ما هو سياسي أو عسكري من اهتمامها( ). بينما علم البيئة تسييس، وأصبح البيئيون وحتى غير البيئيين من سياسيين وصحفيين وغيرهم، يرفعون شعارات بيئية في مناسبات مختلفة. وفي بعض الأحيان يساء فهم قضايا البيئة من قبلهم، أو تستغل لمكاسب سياسية حتى لو كانت النتيجة مؤذية للجماعة أو الأمة( ).
هذا رغم وجود مقررات في مجالات الجغرافية السياسية والعسكرية، ولكن لا يستفاد منها من قبل الجغرافيين بالشكل المناسب، وكثيرا ما تُدرس في إطارها النظري فقط.
5 - تراجع اهتمام الجغرافية بالمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الإقليمية والدولية، مقابل زيادة اهتمام علم البيئة بهذه المتغيرات، ودراسة أسبابها ونتائجها، واقتراح الحلول للمشكلات المتعلقة بها.
6- تقصير الجغرافيين في تكوين وجهة نظر جماعية تجاه التغيير الذي تتعرض له البيئة، وفي وضع مشروع محدد لحماية البيئة، باعتبار أن التصدي للمشكلات البيئية يتطلب طريقة تفكير مناسبة تساعد في فهم الأنظمة البيئية الطبيعية والاجتماعية على حدٍ سواء.
7- افتقار الجغرافية إلى تحديد واضح لطبيعتها وموضوع دراستها، وغيابها عن الساحة العملية مما عزز الدعوى القائلة بعدم قدرتها على المشاركة في عمليات التخطيط والتنمية.
8- عدم اتفاق الجغرافيين على المجالات التي يحسنون العمل بها التي تتفق مع طبيعة الجغرافية نفسها( ).
9- التركيز على المعلومات النظرية والتلقين الجامد، دون اللجوء إلى الدراسات الميدانية والعملية والتطبيقية، ومحدودية التحليل والاستنتاج.
وتعاني الجغرافية (ولاسيما في البلدان العربية) من سلبيات وملاحظات كثيرة سواء في المدارس أو الجامعات، أقلها التكرار والحشو المفرط للمعلومات، والاستطراد الذي يتجاوز الهدف من المعلومة، ولا يأخذ بالحسبان مستوى الذين توجه إليهم.