* طــريــقــة الــــــكــــلام :
رغم دخول مصطلحات كثيرة و جديدة ، وتطور وسائل التثقيف ، وتعدد المصادر ، وغزو الوسائل التثقيفية للبيوت ، فإن جُلّ سكان المنطقة ما زالوا يتخاطبون و يستعملون لغة الآباء و الأجداد و ما زال بعضهم يحدثك حديثاً كما لو أنك خصمه الذي يريد محاورته ، وذلك من الحياء والحشمة وعدم مواجهة الخصم ( التي تعد عيبا ) ومن الكلمات العتيقة التي ما زالت مستعملة كقولهم :
- يَـاحَـصْـرَاه : تـحـصّـراً .
- ( مـهـلّـه ) أو : ولّـى : بمعنى هـل ؟
- ويـكْـتَـه : بمعنى : متى ؟ أو في أي وقت ؟ .
- يَـا الـوَهـسْ ، يَـا لُـوبَـه : نـداء .
- يـا لـحـنـان : يُـقال للعزيز .
- يـا سـوّالِـي : تقال للعزيز أيضاً وتقال للسائل وتقديرها يا سائلي محرفة لطبيعة كلام العرب.
- نُـقْـدَاو : بمعنى نذهبوا ، نروحـوا .
وهذه عيّنات من كلمات ما زالت مستعملة لحد اليوم في المدينة و في البادية ، من طرف مختلف الشرائح و الأعمار (ذكوراً وإناثاً ).
* الـــحــــركــــات:
إلى اليوم مازال الكثير من الفئات و الأعمار يستعملون أثناء التكلم مع الغير ، الإشارة بيده أو برأسه أو بعصاه أحياناً ، لشرح شئ ما ، أو تبسيطه أو تذليله أو التدليل عليه ، أو التفاعل معك في دور يمثله كأن يحكي لك حكاية مشوّقة ، فيها عنف ، فيدفعك بيده لا شعوريا ، لكتفك بيده طبعاً متفاعلا أو موضحا ، أو منبهاً لك جالبا انتباهك له أو لشخص ما ، أو لشيء ما أو محذرا منه ،و ما زال الكثير منهم ، إذا سألته عن مكان ، أو شئ يعرفه ، يشير إليه بيده أو برأسه ، أو برسم خطوط توضيحية بيانية بعصاه أو برجليه ، إذا كان واقفاً ، دالاًّ لك على المكان ، أو الشخص المبحوث عنه (( و هذه قمة النصح و الإخلاص ، إذا اقترن القول بالتوضيح بوسيلة إيضاح )) .
الــكـــــــرم و الـــجــــــــود :
إذا كان ما ذكرناه من إيواء و إطعام ، و اعتناء بالفئات المذكورة شيئا عاديا ، لدى المثال الآنف الذكر لعله يُعدّ ضرباً من التبرك و التقرّب إلى الله ، وقد يوجد في مدن أخرى غير مسعد .
فإن إكرام الضيف و الزائر و الاعتناء به ، ولو لم يكن ذا قربى يُعد واجبا بل فرضاً ، يعاقب تاركه معاقبة أدبية من المجتمع المسعدي ، فقد توارثه هذا المجتمع أباً عن جد .
فكلمة : أتشرب قهوة .. تسمعها من كل لسان ، ولو كان صغير السن ، فإنه يقولها بعفوية وتلقائية ناهيك عن قولهم : (( تتعشى معانا ؟؟ تتغدى معانا ؟ )) .، وقد تقال لكل عابر سبيل وخاصة لمارٍّ غريب ، توقّف سائلاً عن شئ ما ، ملفتا للانتباه .
- الـــهـــمـــِّة والـــعـــزة و الـنّـيــــف :
لا تكاد تجد بين بني نائل وخاصة أبناء المنطقة ( مسعد ) من يقبل بدوس كرامته أو إهانته أو قبوله بالتعسف و الحڤرة له أو لأهله أو ذويه ، أو المساس بأعراقه و تقاليده أو انتمائه ، وقد يصبر المسعدي أو النائلي عن ذلك إلى أبعد حد ممكن لطيبة نفسه وعراقة أصله من باب التجاوز .
كما أنك تجده قد لا يملك شيئا ، و لا يمدُّ يده و لا يحط من كرامته ، ويتظاهر بعلو الهمّة و بعزة النفس رافعاً أنفه شامخا ، اللهم إلا نادراً .
صـــدق الـحــديـث و الـمـعـامـلـة و الأمــانــة :
و من العادات و التقاليد المعروفة لدى سكان المنطقة ، الصدق في الحديث و الإخلاص في المعاملة والأمانة فلا تكاد تجد إلا نادراً كاذبا أو مرابيا أو خادعاً ، و إذا وجد فإن الملفت إليه و المحذر منه و النابذ له ، ملاصق له و لو كان قريبا له ، فقد يدلّك أو يُحذّرك منه أقرب الأقربين إليه .
ولذلك فإن أغلب الناس هنا يعيشون بمعاملة الثقة بينهم بيعا و شراء ، ودليلنا ظاهرة التداين ( الكريدي ) ، وقد يداين صاحب المحل من لا يعرفه ، ثقةً وأمانةً .
الــمــحــافــظــة عـلى الـجـار و الـجـوار :
مـمـّا عُرف أيضاً عن أهل المنطقة المحافظة على الجار و الإحسان إليه ، وتفقده ومواساته وخاصة إذا كان غريباً ، إذ يجد نفسه من أهل المنطقة ، وربما من أول يوم يحلُّ بها ، إن لم يكن في حينه ، وكثيرٌ مـمـّن رحـلوا عنها وما زالوا يـذكرون ذلك ، ويترددون هم وأولادهم و عائلاتهم على المنطـقة إلى اليوم .
الـحـيـــاء و الـحـشـمـــة :
وهو سلوك مشترك بين النساء و الرجال ، كباقي السلوكات الأخرى حيث لا يقابل الصغير الكبير برفض أو معارضة أو كلام .. ، خاصة إذا كان قريبه ، وإلى الآن لا يحمل الابن أو البنت أولادهما أمام والديهما ( و خاصة أمام الأب ) ، ولا يتناول ( شمة ولا دخانا ، سيجارة ) ولا أمام كبير .
الــتــســـــامـــــح :
إلى جانـب العادات و التقاليد و المناقب المذكورة فإن سمة التسامح و الصفح و العفو كانت و مازالت منتشرة ، سائدة بكثرة ، ويوميا تقريباً ، وكثـير من القضايا و المشاكل و النزاعات تعالج و بسهولة ، وبتدخل كبار العـروش ، وأهل التُقـى و الخير ، و هذا حتى في الأرواح (( وهو ما يسمى القتل الخطأ أو العمدي )) تسوّى بالتسامح و الرضا مقابل - طبعًا - حضور جماعة وتناول الطعام ودفع مبلغ متعارفا عليه ، عادة ما يجمعها العرش أو القبيلة تسمى (( الدِيّة )) (( فديّـة مسلّمة إلى أهله )) .
ويقـع الرضا و القبول و التسامح بين أطراف النزاع و تسود المودة والمحبّة و التآخي ، وتدفن الأحقاد.
الـمـســــاعـــدة ( الـتّــــويــــــزة ) :
كانت في القديم تقام على شكل بناء بيت لفقير بالمشاركة الفعلية ( عملاً ) و المادية ، أو لمن أصيب بكارثة ، أو لمسجد أو لوقف عام ، وقد أصبحت اليوم تتجلى في المساهمة المالية ( أتبوريك ) لحاج أو لمتزوج أو لمسؤول أو لغريب ملهوف أو لمريض لم يطلبها أو طلبها ، وقد تميّزت بها بعض العائلات عن غيرها ، بدرجات متفاوتة من عرش لآخر ، و من قبيلة لأخرى بل من عائلة ( نكوة ) لأخرى .
الـــزيــــارات و الــــولائـــــم :
ما زالت لحد اليوم العائلات المسعدية تلتقي على الأقل أسبوعياً ، وفي المناسبات و الولائم
و الأعراس والحفلات ، ومتبادلة للزيارات ، لـمًّـا لشمل العائلة ، وتعريفا للصغار بالكبار وللصغار ببعضهم بعضاً ، محافظة على التماسك الأسري ، وغرساً للمحبة و الألفة ، وما يحدث في الزيارات يحدث في الولائم والأعراس تقريباً .
- الـــتـــكـــافـــل الاجـتـمـــاعــي :
ما زالت بعض العائلات ، بل أغلبها متمسكة بروح التماسك و التكافل الاجتماعي ، إذ ما زال العم يعيش عند ابن أخيه أو قريبه أو العمة أو الخالة عند ابن أختها ، والأخ عند أخيه ، والأب عند ابنه من الواجبات بل من المقدّسات و كذا الأم عند ابنها(واجب مقدس هي والأب) .
إذ لا يمكن للابن أن يخرج من بيت أبيه بعد زواجه إلا بإلحاح من أبيه ، إذ يَعُدُّ الناس خروج الابن من بيت أبيه و ابتعاده عنه عقوقاً ، وتمرُّداً عن الأعراق و التقاليد .
بل و ما زال القريب يبقى لدى قريبه ما شاء ، منفقاً عليه ، كافلاً له ، غير مانٍّ و لا مضايق له ( طبعا في حدود العادات و التقاليد و الشريعة ) طبائع العائلات الكافلة .
بل حتى أنك تلاحظ بعض المعوزين و من لا عائلات و لا كافل لهم ، يقيمون عند أناس لا صلة قرابة تربطهم بهم ، إلاّ لوجه الله .