الشيخ معمر حاشي
ولد الإمام الجليل و الأديب الكبير الشيخ الحاج معمر بن عثمان سنة: 1333 هـ ( 1914م ) بأولاد يحي بن سالم ، بلدية مسعد ولاية الجلفة.
تعلم مبادئ القراءة و الكتابة و حفظ أجزاء من القرآن الكريم على يد السيخ مقواس بلقاسم بن عبد الرحمان ( البخيتي ) ثم أرسله شيخه محمد ابن الحاشي في مجموعة من الطلبة إلى زاوية الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي، فحفظ القرآن الكريم و تفقه في علوم الدين و تأدب و برع في علوم اللغة العربية على أيدي مشايخها و منهم الشيخ بن عزوز القاسمي – رحمه الله – و تخصص في علوم اللغة العربية فكان من أبرز علمائها على الإطلاق، مرجوعا إليه في بعض فنونها...
و أجازه شيوخه في نشر العلم و المعرفة، و منحوه شهادات تقديرية، و بعد تخرجه اشتغل بالتدريس الحر لمدة زمنية، ثم تولى الإمامة و التدريس بمسجد ( حي السعادة ) بالجلفة، و كان يلقي دروسه في الفقه، و الحديث و التفسير، و السيرة النبوية، و اللغة العربية بانتظام بعد صلاة المغرب من كل يوم يحضرها إلى جانب الطلبة جمهور غفير، و كان حريصا على التعليم القرآني للصبية، و يشجع الطلبة على حفظه...
و اشتهر أمره عالما و أديبا و مدرسا، كما دامت إمامته بالمسجد خمسا و ثلاثين سنة، كان يبذل مجهوداته الجبارة في سبيل إيصال النفع لطلابه بمختلف الوسائل التربوية فكون رجالا ضربوا بسهم وافر في العلم و العمل، ظهر منهم الإمام، و الأستاذ، و المعلم، و الموظف المحترم، و كانت له عدة اتصالات و مراسلات خص بها بعض شيوخ الزوايا نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: زاوية محمد بن أبي القاسم، زاوية علي بن اعمر بطولقة، زاوية محمد بن الكبير بأدرار.
إضافة إلى مراسلاته لبعض الشخصيات الدينية بجمعية العلماء المسلمين، و غيرهم من الأعلام و المثقفين خارج حدود الوطن منهم الشيخ الكتاني بالمغرب، و إلى جانب نشاطه الديني و العلمي كانت القضية الوطنية في مقدمة اهتماماته حيث كان إبان ثورة التحرير الكبرى من بين الرجال الذين أسهموا بمقدار وافر في دعمها ماديا و معنويا، فبحكم شخصيته العلمية، و مكانته، و سمعته الطيبة التي يتمتع بها في المجتمع استطاع أن يبث الوعي الجهادي في أوساط شباب الناحية، و نتيجة لذلك التحق الكثير منهم بصفوف المجاهدين و قد كرم بشهادات شرفية و تقديرية على ما بذله من خدمات جليلة في سبيل دينه و وطنه.
و من صفاته – رحمه الله – الحلم، و الورع، و رقة العاطفة، و سعة الصدر، و كان متفتحا في آرائه، و أفكاره، ناصحا و مرشدا، ملازما للكتاب و السنة على نهج السلف الصالح، مما جعله يحظى بجانب كبير من الاحترام و التقدير لدى الخاصة و العامة، و قد وفقه الله لحج بيته الحرام و زيارة قبر نبيه عليه الصلاة و السلام سبع مرات، كانت تجمعه في العديد منها بفحول رجال العلم من المغرب و المشرق العربيين تناولت بعض الآراء و الأفكار في شتى المجالات العلمية، و أفاد و استفاد
و له تآليف و رسائل جد مفيدة في الفقه، و الأدب و التاريخ و غيرها ( لا تزال مخطوطة بعد) و توفي – رحمه الله – يوم الجمعة 31 أكتوبر 1986م، و حضر جنازته إلى جانب العلماء و الأئمة و الأعيان جمع غفير من الناس، و دفن بالمقبرة الخضراء بالجلفة.
و قد مدحه أحد مريديه و تلامذته المعلم الشاعر البشير عسالي في قصيدة نذكر منها:
سلامي إلى أولاد يحــــي جديـــــد *** و شوقي إليهم كل يوم يزيـــــــــد
فإني و إن جاروا علــــي سعيــــــد *** و فكري على ما هم عليه شريــــد
و كل كبير أو صغيـــر جديــــــــر *** قريب إلينا في الإواء و بعيــــــــــد
لهم في قرى الضيف الثريـد يزيــد *** لهم لان قاس في العظال عنيـــــــد
بربك يا (حـي السعـــادة) أجبنــــي *** فأين أهال الحي؟ أين العديـــــــــد؟
جحا جحة كانـوا بربعـــك نـــــورا *** بهم يمزح الركبان حضر و بيــــد
و جائي عن الشيـخ الإمــــام فريــد *** سنى رأيه في المعضلات سديـــد
لأمثاله كانـت تليــــن القواســـــــي *** تلين له الآراء و هي حديــــــــــد
ولأن له العلـم الشريـــــف و ســال *** لأقلامه حبر حساه العديـــــــــــد
و أضحى و أمســـــى للمنـابر أهلا *** معمر للجلفاء كان عميـــــــــــــد
و قـدم للتعليـــــم أزكـــى رعيـــــل *** بعيد زمان قل فيه المزيـــــــــــد
نزين به الجمـع الغفيـــــر فيسمـــو *** بنا فوق ما نصبوا إليه يجيــــــد
بأمثاله كنـا نلـــــم الشتــــــــــــات *** بأمثاله الحقد الدفين نبيــــــــــــد
إلى البرزخ المرجو رحلتم فمرحى *** و في جنة الفردوس فرح و عيد