تخليدا للذكرى الثانية و الخمسين لاستشهاد الرائد حاشي عبد الرحمن نظمت بلدية سد رحال 23/06/2010 حفل بهيج تحت إشراف عائلة الشهيد و أسرته و كذا المجاهدين و السلطات المحلية، بحضور أقارب الشهيد و كذا بعض ممثلي مديرية المجاهدين و منظمة أبناء الشهداء، إلى جانب جمع من إطارات الدولة و الوزير السابق بن علية بلحواجب و مشايخ و أئمة الولاية الجلفة و الولايات المجاورة.
و قد استهل برنامج التظاهرة بلقاء أمام مقبرة الشهداء بتلاوة فاتحة الكتاب و رفع العلم و النشيد الوطني ، ثم استعراض الخيالة و الفنتازيا ....
لقد كانت لرئيس المجلس الشعبي البلدي السيد بن علية معطالله كلمة ترحيبية بالضيوف لتليها كلمة الأمين الولائي للمجاهدين، فمداخلة شعرية و كلمة لأحد مجاهدي المنطقة...
استمع الحضور فيما بعد لمحاضرة ألقاها كل من السيدين قن محمد و داودي مصطفى تطرقا فيها لمسيرة الرجل الورع إمام الشهداء، ليختتم الحفل بتوزيع شهادات للعائلة و كتاب جديد حول الشهيد الرائد حاشي عبد الرحمن...
لمحة عن الشهيد الرائد حاشي عبد الرحمن
هو حاشي عبد الرحمان بن عبد القادر و أمه فاطنة ابنة عثمان، ولد سنة 1917 ببلدية مسعد (الجلفة) توفي أبوه و تركه يتيما صغير السن تولى رعايته جده حاشي محمد بن الحاشي الذي علمه مبادئ القرآن الكريم ثم أرسله إلى زاوية الهامل حيث حفظ القرآن الكريم ليشرع بعدها في تعلم الفقه و اللغة و الآداب على يد شيخه قاسمي بن عزوز الهاملي و أصبح من أهل الفتوى في ربوع هذه البلاد حتى قال عنه شيخه " إنني لا أحرج من أي سؤال في علوم الفقه و اللغة ما عدا سؤال حاشي عبد الرحمان" أي أن سؤاله ليس بالبسيط ، كما يدل على عمق ثقافته و غزارة علمه. و حمل في طيات فكره قضية الجزائر و معاناة الشعب الجزائري آنذاك فساهم في تأسيس "حركة الانتصار للحريات الديمقراطية " بالجلفة و تنظيم الخلايا الحزبية و تعليم الأناشيد الوطنية...
اشتغل مدرسا متطوعا في مدرسة " الإخلاص" التي أنشأتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالجلفة و هذا من أجل إيصال أفكاره الثورية إلى الشباب و تكوين المناضلين و إعدادهم إعدادا جيدا لاحتضان الثورة.
عند حلول سنتي 1954 و 1955 قام حاشي بجمع المال و اللباس و حتى السلاح مما أثار غضب أذناب الاستعمار فزج به في سجن الأغواط سنة 1955 ليطلق سراحه فيما بعد، و في أوائل سنة 1956 سجن مرة ثانية بسجن الجلفة و عقب إطلاق سراحه التحق مباشرة بإخوانه المجاهدين في شهر مارس 1956 بجبل بوكحيل أين وجد القائد زيان عاشور الذي توسم فيه الإخلاص و العلم و الحلم و المقاربة في السن فقربه منه و أسند إليه أمانة السر و الكتابة العامة للمنطقة و خاض إلى جانبه كمائن و معارك ككمين تجريد القوم و الحركة من سلاحهم بناحية عمورة، و معركة جبل قرزان في ماي 1956 كما ساهم في عملية تفجير القطار و السكة الحديدية بين الجلفة و حاسي بحبح حيث تم أسر سائق القطار، هذا إلى جانب معركة قعيقع في أوائل صائفة 1956 التي خلف فيها الاستعمار الفرنسي عددا من القتلى و الجرحى.
بعد وفاة القائد زيان عاشور أصبح حاشي عبد الرحمان النائب الأول للقائد عمر إدريس الذي كلفه بمهمة دحر بلونيس، كما ساهم إلى جانب عمر إدريس و بكباشي عيسى في إبرام اتفاقية الاتحاد و الانضمام التي وقعت بين الولاية الخامسة و جيش منطقة الجلفة و تعد هذه الاتفاقية تصحيحا لمسار الثورة و تنظيم الجيش تنظيما جديدا لم ترض بعض العناصر في جيش التحرير و بعض المدنيين الذين لم يتخلصوا من النزعة الحزبية الضيقة التي كانت سببا و تمهيدا لانقلاب الخيانة الذي قاده بلونيس بإيحاء من جنرالات فرنسا.
و في ربيع 1957 أصبح حاشي عبد الرحمان رائدا و مسؤولا أولاً على الجيش خلفا لعمر إدريس الذي سافر إلى المغرب الأقصى لتزويد المنطقة بالسلاح و الذخيرة، و في هذه الأثناء كان الخائنين بلونيس و العربي القبائلي و جمع من الضباط و المدنيين و نظرائهم من جهلاء في الجيش يذيعون و يشيعون في الأوساط بأن القائد عمر إدريس قتله جيش الجبهة، و أن الاتفاقية التي وقعها الرائد حاشي هي السبب في ذلك، و هكذا ضربوا على الوتر الحساس و استعطفوا فصائل الجيش مما سهل عليهم انقلاب الخيانة الذي راح ضحيته شهيدنا و جمع من خيرة الضباط ، و مما يدعم هذا التخاذل الذي وقع في صفوف الجيش أن أحدهم و هو من المقربين لحاشي عبد الرحمان انتزع منه السلاح و ختم المنطقة.
و في أحد الأيام أخرج الخائن بلونيس حاشي من السجن بدار الشيوخ و خاطب الناس " هذا هو عبد الرحمان جاء يحاربني و يريد قتلي بناحية العش... قل أليس هذا صحيحا ؟ " فرد عليه حاشي "ليس هذا يوم الحساب يا بلونيس " .
قام الخائن بلونيس بتسليم الرائد حاشي عبد الرحمان إلى كبار ضباط الجيش الفرنسي بالجلفة فعذبوه عذابا شديدا و نكلوا به ثم حملوه إلى الجزائر العاصمة و سلموه إلى جنرالات فرنسا ( ماسو و سالان) فرغبوه و أرادوه أن يخطب على أمواج الإذاعة إلى الشعب بناحية الجلفة لتأييد قضية بلونيس فرفض و أبى أن يسير في ركب الخيانة فأعادوه إلى بلونيس فنفذ فيه الخائن العربي القبائلي حكم الإعدام ففاضت روحه إلى بارئها في نهاية شهر جوان 1958..